الخميس، 23 يوليو 2009

ليالي تركستان

ليالي تركستان
صادق الحمادي
"الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" صدق الله العظيم.
"المؤمن للمؤمن كالبنيان أو كالبنان يشد بعضه بعضاً" صدق رسول الله.
• ذات مساء من شتاء قارس وقبل عقدين من الزمن أنهيت قراءة رواية "ليالي تركستان" للكاتب المصري المبدع د. نجيب الكيلاني -رحمه الله- ومن عجائب الأقدار أن الرواية كانت تدور رحاها في دولة الصين التي كنت حينذاك أقوم بحراسة مبنى سفارتها في العاصمة اليمنية صنعاء" أثناء أدائي لخدمة الدفاع الوطني، أنهيت الرواية "الفلم" على صوت زميل يدعوني لأخذ دوري في نوبة الحراسة.
• بعدها ذهبت لأتفحص خريطة الصين والبحث عن تركستان الشرقية فلم أجد لها أثراً، فانطبع لدي أن لا مكان لتركستان الشرقية على الخارطة ولا في الواقع، ولعلها من بنات أفكار الكاتب ولا وجود لها إلا في ذهنه وفي مخيلته.
• قدر الله لي بعد ذلك أن ألتقي قبل عقد من الزمن في مكة المكرمة أثناء موسم العمرة بمسلم صيني وكان يجيد التحدث باللغة العربية فسألته عن تركستان فأجابني أنه من ذات المنطقة وأنها اليوم تسمى إقليم شينجيانج فأدركت حينها أن ليالي تركستان حقيقة لا خيال.
• حقاً لم تعد تركستان موجودة على الخارطة وحلَّ محلها إقليم "شينجيانج" لقد طمست الهوية وسحق النظام الصيني إنسانية الإنسان وحرم المسلمين من حقهم الطبيعي وشجع القوميات الأخرى وخاصة قومية "الهان" في اتخاذ إقليم تركستان الشرقية وطناً لهم في الوقت ذاته ضيقوا على المسلمين الأجور ودفعوهم لترك وطنهم الغني بالموارد الطبيعية والذي ينام على بحيرة من النفط والغاز الطبيعي.
• المسلمون الأجوريون في ذيل التنمية ويعدون الأكثر فقراً بين شرائح المجتمع الصيني كافة، ويعيشون في أجواء مفعمة بالهموم والأكدار. يتوسدون جراحهم بعدما افتقدوا في أمتهم الحضن الدافئ والحصن الحصين.
• القمع إذاً يمارس على قومية الأيجور المسلمة منذ عقود، والدول الإسلامية تلزم الصمت كعادتها، قومية "الهان" ذات الأغلبية، 2 مليار نسمة تواصل قمعها على أقلية الأجور ذات الـ60 مليون نسمة.
• الحكومة الصينية تطلق الرصاص الحي على متظاهرين من قومية الإيجور يسقط منهم المئات شهداء، ويساق الآلاف منهم للمعتقلات على خلفية مطالبتهم الحكومة بإنصافهم من متطرفي القومية الصينية ذات الأغلبية. التي قتلت العشرات من الإيجور إثر اشتباكات في مصنع للألعاب في سلسلة من المضايقات تتسع للتضييق على السكان الأصليين ليرحلوا خارج إقليمهم.
• الصينيون قاموا بحملة إعلامية مكثفة أقنعوا الدول الإسلامية أن الإيجوريين لم يعودوا مسلمين وإنما هم صينيون انفصاليون وأنهم عملاء للغرب، وقدم الصينيون الإيجوريين للدول الغربية على أنهم إرهابيين وأعضاء في تنظيم القاعدة ليتسنى لهم التحضير لذبحهم على مرأى ومسمع من العالم.
• في المقابل الإيجوريون لا يدعون إخوانهم المسلمين إلى ركوب الخيل لحل مظلوميتهم، هم يدركون أن سيوفنا أضحت من خشب ودروعنا قد كساها الغبار وإنما يدعوننا لقدح زناد التفكير ولجم تداعيات الظلم الواقع عليهم باستثمار علاقتنا مع التنين الصيني لإيقاف مشاهد الأهوال التي تدمى منها القلوب وتتفتت منها الأكباد دون جرم اقترفوه إلا أنهم يسعون لنيل حقوقهم الطبيعية ليعيشوا في وطنهم بأمن وأمان.
• فإن لم نستطع عمل أي شيء إيجابي فعلى الأقل فلنستبدل شراء البضائع الصينية ببضائع دول أقل عداء لأمتنا نصرة لإخواننا المسلمين في الصين.
"وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" صدق الله العظيم
-------------------

الخميس، 16 يوليو 2009

العلماء.. ومكر المناوئين

العلماء.. ومكر المناوئين
صادق الحمادي
"الناس لا تغريهم الأقوال المعسولة قدر ما تغريهم الأعمال الجليلة والأخلاق الماجدة"، الشيخ محمد الغزالي.
"إن إزالة الأفكار الخاطئة عن العقل أجدى بكثير من إزالة أورام الجسد"، ابكتينوس.
• العلماء منارات هدى ومصادر إشعاع وينابيع عطاء، وعندما يموت عالمٌ يهوي نجمٌ.
• بالأمس افتقدنا الشيخ الدكتور عبدالله بن جبرين وهو عالم رباني اتصف بأسمى الأخلاق وأعلى الصفات كان يغلّبُ الدليل المعصوم على المصلحة المرجوة، يصفه القريبون منه بحلو المعشر، بسيط المظهر، عازفاً عن حطام الدنيا، فلا غرابة أن تأتي ذات يوم سيارة الشرطة المكلفة بملاحقة المتسولين فتلقي القبض عليه وتحتجزه مع آخرين فلا يخلصه من بين أيديهم وينزلونه من سيارتهم سوى نفر من رواد المسجد وثلة من طلابه –أما تستحوا على أنفسكم هذا الشيخ عبدالله بن جبرين- هكذا كان شيخنا في حين يفتتن الآخرون بالقشور وسقط المتاع.
• أحدث شيخنا عبدالله بن جبرين أثراً إيجابياً في حياة كثير من اليمنيين الذين ذهبوا لكسب لقمة العيش في بلاد الحرمين الشريفين. فتح أمامهم أبواب الأمل ونقلهم من الاهتمام بالذي هو أدنى إلى ما هو خير وأوسع، تلقوا العلم ونالوا منه أعلى الدرجات وعادوا ليبذروا الخير وأحدثوا دوراً تنويرياً وتثقيفياً وتوعوياً، فأنعشوا أرواحاً أضناها الجهل.
• من الطبيعي أن يختلف الناس مع كل صاحب رأي، خاصة ونحن نخوض في بحر من ثقافة وأد المخالف، ويُغيب العدل والإنصاف عن حياتنا.
• نزعة ثارية أصابت جهة ما أرادت الإساءة لشيخنا ابن جبرين وكسر إرادة المقاومة في جنوب لبنان وقطاع غزة حين صاغت أجهزة مخابراتها فتوى "لا يصح الدعاء للمقاومة" وألصقتها ظلماً بشيخنا الفاضل، فقد كان يرحمه الله، يقف طوداً شامخاً ضد النيل من الجماعات العاملة للإسلام، يرفض الانجرار كما فعل آخرون؛ سلقوا إخواناً لهم بألسنةٍ حداد.
• حين انتشرت تلك الفتوى سيئة الذكر لم أتمكن وغيري كذلك من الرجوع إلى المصدر للتأكد من مدى صدقها، حتى صرح أحد طلاب الشيخ ومن المقربين إليه قبل أيام قليلة لإحدى القنوات الفضائية إلى عدم انتسابها إلى شيخنا ابن جبرين بصلة، فذهبت إلى موقع الشيخ نفسه فلم أعثر عن تلك الفتوى العجيبة.
• إن من يفر من مواطن الشهرة ومن ينتقد تخاذل الحكام، ويدعو لنصرة غزة ويحرَّم أي مبادرة تقول بحق اليهود في أرض فلسطين أو تسعى للتطبيع معهم -جاء ذلك في آخر فتوى وقعها مع 24 عالماً سعودياً- يستحيل أن يفتي بحرمة الدعاء للمجاهدين، سواء كانوا في حزب الله أو في حركة المقاومة الإسلامية "حماس". فأيقنت أننا جميعاً وقعنا تحت تضليل أجهزة تعمل على زرع الفرقة وتأجيج الفتن وهي تعمل بدأب على تسعير الخلافات وإذكاء أوار الانشقاقات في حين يصر علماؤنا على تقصيرهم في التعامل مع أجهزة الإعلام فيطويهم النسيان ويلحق مناؤُهم بهم الأذى.

الاثنين، 13 يوليو 2009

وانتصرت إيران

وانتصرت إيران
- صادق الحمادي


/’’إذا ما عكست المرآة قبح وجهك أصلح وجهك، لا تكسر المرآة/’’. سعد الشيرازي، شاعر إيراني
* خلال الفترة القليلة الماضية قدَّم الإيرانيون نموذجاً ديمقراطياً رائعاً، أكثر من 40 مليون ناخب توجهوا لصناديق الانتخابات، 63% منهم صوتوا للرئيس محمود أحمدي نجاد الذي حصل على أصوات الفقراء من الأرياف ومن سكان الأحياء الشعبية في أطراف المدن، كما توزعت بقية الأصوات على بقية المرشحين.
* الفارق بين الفائز في الانتخابات وأقرب منافسه 11 مليون صوت، الأمر الذي يدعو إلى عدم التسليم بدعاوي المنافسين بتزوير الانتخابات.
* الصراع مرير بين الخط الأصيل لثورة الخميني التي انحازت للفقراء وانتصرت للمستضعفين ووضعت ثقلها في صف المقاومة والممانعة ووقفت ضد الاستكبار العالمي وبين من اتخموا على حساب المبادئ واخضعوا إمكانيات الثورة لصالح زيادة أرصدتهم الخاصة.
* الحالة الدينية والاجتماعية في إيران تصب في صالح القضية الفلسطينية، وكلنا يتذكر صمود المجاهدين في لبنان وغزة كان لمؤازرة إيران (نصيب) في حين خذلهم حكام العرب، لذا فلا عجب أن يرمي الناس إيران عن قوسٍ واحدة.
* فلسطين وقضيتها العادلة ومقاومة المشروع الصهيوني هو المحك وهو ميزان الحكم على الأنظمة والمعيار الذي نقيس به مدى قرب أو بعد الدول عن قضايانا العادلة وبموجب ذلك نعطي حبنا وولاءنا أو نحجبه.
* ندعو العقلاء لتصحيح قواعد التعامل مع الغير وفق معيار الاصطفاف مع المقاومة والممانعة والوقوف ضد المشاريع المعادية لأمتنا بدلاً من الاحتباس في دهاليز التاريخ والاحتكام للأوهام.
* في الوقت ذاته وحرصاً على تجربة إيران الإسلامية ندعو إلى مزيد من الانفتاح على الأقليات واستيعاب المتغيرات وتلبية طموح الشباب الإيراني الذي يزيد تعداده عن 70% من إجمالي السكان حتى لا ينزلق هؤلاء الشباب وهم الجيل الثالث للثورة نحو حفر اليأس ويسلم قيادته لقوى الاستكبار العالمي المتربص بالثورة وأبنائها.
* المتدينون في إيران تجاوزا سلبية نظرتهم للعمل السياسي بابتكار ولاية الفقيه حلاً لإشكال قائم بدلاً من انتظار إمام طالت غيبته، وحتماً سيتجاوز الإيرانيون ولاية الفقيه نحو ولاية الأمة فملامح التحول بدأ بالتشكل من خلال الانتخابات الأخيرة وما تلاها من احتجاجات.
* التجربة الإيرانية نموذج للحركات الإسلامية المشتغلة بالعمل السياسي وهي تجربة جديرة بالدراسة وتطويرها والحفاظ عليها مسؤولية الأمة برمتها.
* الاصطفاف الذي يسعى لقطع رأس النظام الإسلامي في طهران أدى إلى تماسك الجبهة الداخلية وكشف تدخلاته ظهر من يريدون لإيران العودة إلى حضن الاستعمار ودور الحراسة للمصالح الغربية في الشرق الأوسط إلى جانب الكيان الصهيوني.
* أين ضاع صوت الغرب الحريص على حقوق الإنسان؟ والذي ظهر مجلجلاً عقب انتخابات إيران وغاب عما يجري للمسلمين الأوجوريين في الصين.
* عجباً للعرب الذين اتهموا الانتخابات الإيرانية بعدم النزاهة وشككوا بمصداقيتها، ألم يدرك مثقفو العرب أن وطنهم يرزح في وسط محيط مستبد، ويعيش مواطنوه غيبوبة كبرى عن الحرية.
* قبل أن نشجع الثورة المخملية في إيران يتوجب أن تقام ثورة عارمة لتحطيم أصنام الاستبداد في أوطاننا، لكي نعتق ذواتنا من ربق العبودية.

الاثنين، 6 يوليو 2009

’المسؤولية الاجتماعية

- صادق الحمادي


/’’المسؤولية الاجتماعية صابون الحقد الاجتماعي/’’
د. نجاة جمعان-يمنية خبيرة في الاقتصاد


* لو قام كل قادر بواجبه، حتماً لن يبقى فقير يدب على الأرض.. إذا ما هي مبررات القعود والتخلي عن الواجبات؟ خاصة والممكنات أكثر من المستحيلات.

* لتكن البداية أن يتخلص القادرون على العطاء من كوابح التقدم نحو الإنجاز وليكن سلوك مدارج السالكين والارتقاء في منازل السائرين أن تفكر جيداً في انتشال أخ لك من براثن الفقر.

* /’’الفقر كافر/’’ ومحاربته قربة إلى الله، وتمليك أدوات الإنتاج ضرورة، اقتداء بسيد الخلق حين مّلك السائل أدوات الاحتطاب ليدفع عنه ذل سؤال الناس.

* الأنفاس معدودة والآجال محدودة والاعتذار عن واجبات الوقت بالانشغال بالمفصُول على حساب الفاضل، والتعثر بالتحسينات على حساب الضروريات والحاجيات غير مقبول من أصحاب الهمم العالية، ممن يقتنصون الفرص ولا يقتاتون على الأوهام والشعارات الهلامية.

* ليكن جزءاً من مسؤولية القادرين هو تخصيص نصيب عادل من مواردهم للعاطلين عن العمل ومساعدتهم في مكافحة الفقر، وتعزيز العلاقة مع مجتمعهم الذي تزيد فيه معدلات الفقر عن 36% بحسب إحصائيات حكومية رسمية!!

* وتعزز المسؤولية الاجتماعية في ظل الأزمات والضوائق المتلاحقة والركود الاقتصادي لتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء من تبني مشاريع إنمائية لتنمية المجتمع والقضاء على اللاثقة التي بدأت في التوسع.

* المشاركة في صناعة المتحررين الجدد من ذُلِ السؤال هي فرصتك التي يجب أن يكون لك فيها بصمة واضحة، فلا تدعها تفلت منك بالإمساك خشية الإنفاق.

* القعود عن البذل والعطاء يعيق الانطلاق ويبقى المجتمع برمته أسيراً للحاجة في ظل التحديات والمدلهمات الراهنة التي جعلتنا أذلة في مواجهة التحولات المستقبلية ضعفاء في صناعة المستقبل ووضعتنا الأزمات العالمية في مهب رياح عاتية يتوجب علينا أن نواجهها بحائط صد قوي وبنيان مرصوص.